golden_bird أميـــــــــــــــ المنتدى ـــــــــــر
عدد الرسائل : 88 العمر : 41 العمل/الترفيه : لا تدخلون بشغلي كل من عليه بشغله (علاس)هااا هسة شكنة المزاج : بكيفي وانتو شكلوووو شغلة(فرحان ومكيف )هههه الدولة : تاريخ التسجيل : 28/06/2008
| موضوع: سيرة أهل البيت ... وسلوكهم في مرآة التاريخ الأحد يونيو 29, 2008 8:46 pm | |
| سيرة أهل البيت وسلوكهم في مرآة التاريخ
للعلامة: أبي الحسن الندوي يرحمه الله
إن أعضاء الأسرة النبوية وأهل البيت الكرام، وفي مقدمتهم وعلى رأسهم سيدنا علي المرتضى رضي الله عنه وأولاده الأماجد، إنما كانوا غيارى أشد الغيرة في الرحم الذي كان يصلهم برسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانوا يستغلون هذه النسبة لمصالح دنيوية شأن أبناء أسر الزعماء الدينيين في الديانات والأمم الأخرى، ممن ينالون تقديساً زائداً في كل حال، ويعاملون من أتباعهم كشخصيات تفوق البشر، وكانوا بعيدين كل البعد عن كسب حطام الدنيا بأسمائهم، وبناء قصور الفخر على عظامهم، وما تتحدث عنه كتب التاريخ والسيرة من حكايات لآبائهم واستغنائهم وعزة نفسهم، تصور سيرتهم وسلوكهم تصويراً يختلف تماماً عن سيرة الطبقة المحترفة بالدين (من البراهمة والكهنة) في الديانات والملل الأخرى، فإنها تعتبر ذات قدسية وعظمة عن طريق الولادة، فهي لا تحتاج لكسب المعاش، وتحقيق حاجات الحياة إلى بذل شيء من الجهد والسعي، ونقدم فيما يلي بعض الوقائع من هذا النوع، لكي يمكن تقدير مكانة أهل البيت وسيرتهم المشرقة: دخل سيدنا حسن بن علي رضي الله عنه السوق لحاجة يقضيها، فساوم صاحب دكان في سلعة، فأخبره بالسعر العام، ثم علم أنه الحسن بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقص في السعر إجلالاً له وإكراماً، ولكن الحسن بن علي رضي الله عنه لم يقبل منه ذلك، وترك الحاجة وقال: إنني لا أرضى أن أستفيد من مكانتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء تافه . ويقول جويرية بن أسماء – وهو من أخص خدم سيدنا علي بن الحسين المعروف بزين العابدين – ((ما أكل علي بن الحسين بقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم درهماً قط . وكان إذا سافر كتم نفسه، فقيل له في ذلك، فقال: أنا أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أعطي به )) إن السادة أهل البيت وأولاد أسد الله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأحفاده إنما كانوا متحلين بالشهامة والشجاعة التي كانت شعار العِترة النبوية، وإرث سيدنا علي المرتضى والحسين بن علي شهيد كربلاء، لقد كانوا عاملين بالعزيمة غير مبالين بأي مصيبة ومعاناة في سبيل إعلان الحق ومواجهة كل خطر لتوجيه المسلمين الصحيح، وصيانة الدين عن كل تحريف، إن زيد بن علي بن الحسين خرج على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بن مروان – وكانت حكومته أقوى وأعظم حكومة في عهده – وذلك في عام 122 ﻫ وانتصر على جيوش الحكومة المكثفة، وأكرم يالشهادة، ثم صلب، وظل مصلوباً إلى أربع سنين . وفي رجب عام 145 ﻫ خرج محمد بن عبد الله المحض بن حسن المثنى بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، المعروف بذي النفس الزكية، على الخليفة العباسي المنصور في البصرة في ذي الحجة عام 145 ﻫ، وأفتى بالمبايعة له الإمامان الجليلان مالك وأبو حنيفة، وتبرع الإمام أبو حنيفة بهدية مالية إعلاناً لنصرته وحمايته، جرت فيما بعد إلى عتاب المنصور وعقابه إياه، وقد أكرم محمد بن عبد الله المحض ذو النفس الزكية بالشهادة الغالية في 15 من رمضان 145 ﻫ، في موضع ((أحجار الزيت)) بالمدينة المنورة بشجاعة نادرة وشهامة فائقة، وكذلك أخوه إبراهيم بن عبد الله استشهد في الكوفة في 24 ذي الحجة 145 ﻫ . ويبدو أن هؤلاء السادة الكرام ممن كان يجري في عروقهم الدم الهاشمي، لما قدروا بالكلية رفع راية الجهاد ضد الخلفاء العباسيين الذين كانت تشمل دولتهم الرقعة الواسعة المتمدنة في آسيا وإفريقيا، وكانت الإسلام يصل عن طريقهم إلى أقطار العالم البعيدة مع أستتباب الأمن في مقر الخلافة وانتشار العلم الديني وتحقق جزء كبير من تعاليم الإسلام، لما قدروا ذلك تجنبوا إثارة أي اضطراب أو إهراق دم لا ينتج ثماراً يانعة في الظاهر، كمجهودات من سبقهم من آبائهم الكرام ذوي الجلادة والفتوة، لذلك فإن سكوتهم هذا واشتغالهم بقيادة المسلمين الدينية ونشاطهم في تربيتهم الخلقية والباطنية، لم يكن مؤسساً على تساهل أو انزواء إلى الدعة والراحة، ولا على العمل بأصول ((السكوت والمجاملة))التي نسبت إلى هذه الشخصيات العملاقة، والتي قد مر بعض تفاصيلها في الصفحات الماضية . ويحسن أن ننقل هنا ما قد جاء بمناسبة بيان هذه الحقيقة التاريخية في الجزء الأول من كتابنا((رجال الفكر والدعوة في الإسلام)): ((يجب أن لا ننسى أن الدين كان لا يزال له السلطان الروحي والمكانة الأولى في قلوب الناس حتى في هذا العصر (عصر بني أمية وبني العباس) وكان الجمهور من الناس ينظر بإجلال إلى العلماء وإلى أصحاب الدين والاستقامة والخلق، ومن أنس فيهم الزهد في حطام الدنيا والابتعاد عن أصحاب الحكم والسلطان، وعفافاً وقناعة وترفعاً عن المطامع والمناصب، واشتغالاً بالدعوة إلى الله، ونشر العلم، والنصح لله ولرسوله ولعامة المسلمين . وكانوا أعز واكرم عند الجمهور من كثير من أصحاب الجاه والنفوذ والثروة، وحتى من الخلفاء والأمراء في بعض الأحيان، ويمكن أن يقال: إن نفوذ الخلفاء والأمراء كان محصوراً في دائرة خاصة هي الدائرة السياسية، ودائرة الطبقة التي تسمى في هذا العصر، ((الطبقة الأرستقراطية)) أما خارج هذه الدائرة وفي ما عدا هذا الوسط، فكان يسود فيه أهل الصلاح والعلم وأهل الزهد والتقوى والصالحون والعلماء من أبناء الصحابة والسادة من أهل البيت النبوي، فإذا اجتمع من يمثل هذه الطبقة الصالحة من سادات التابعين وأهل العلم والدين، ومن يمثل الحكومة والإمارة والجاه والسلطان، غلب سلطان الدين والسلطان الوحي على سلطان السياسة والحكم . يمثل ذلك أجمل تمثل ما وقع لهشام بن عبد الملك يوم كان ولي العهد، مع سيدنا علي بن الحسين المعروف بزين العابدين، فقد روى المؤرخون: أن هشام بن عبد الملك حج في أيام أبيه وطاف وجهد أن يصل إلى الحجر ليستلمه فلم يقدر عليه لكثرة الزحام، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس، ومعه جماعة من أعيان أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وكان من أحسن الناس وجهاً، وأطيبهم أرجاً، فطاف بالبيت فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم. فقال رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس حتى استلم، فقال رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام فيملكوه، وكان الفرزدق حاضراً. فقال: أنا أعرفه . فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فقال قصيدة السائرة التي مطلعها:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته***والبيت يعرفه والحل والحرم
وهذه القصة وإن كانت بسيطة في الظاهر، فإنها تدل على ما كان يتمتع به أهل الفضل والدين، ورجال الأسرة النبوية وسادات التابعين من النفوذ والإجلال، وقد كان لسيدنا حسن المثنى بن حسن بن علي بن أبي طالب، وابنه عبد الله المحض، وسالم بن عبد الله بن عمر، وقاسم بن محمد بن أبي بكر ، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، مكانة مرموقة، ومنزلة عالية في قلوب الناس، وتأثير كبير لما يقولونه، وكان لهذه المكانة ولهذا النفوذ الروحي ولهذا الإجلال والحب العميق الذي يدين به الشعب لهم سلطان يحفظ على الشعب جلال الدين ومهابته، ويمنعه من الاندفاع المتهور إلى الترف الفاحش والحياة الجاهلية السافرة، والجهر بالمعاصي والمنكرات . | |
|